وقيل: إن ذلك عند قوله تعالى: {وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون} [يس: 59] .

قيل: يُؤمَرُ كلُّ فريق بأن يجتمع إلى معبوده، فإذا انتهَوا إليه حزنوا واسودَّتْ وجوهُهُمْ.

قوله: {فَفِي رَحْمَةِ الله} فيها وجهان:

أحدهما: أن الجارَّ متعلق ب «خالِدُونَ» ، و «فِيهَا» تأكيد لفظي للحرف، والتقدير: فهم خالدون في رحمة الله فيها. وقد تقرر أنه لا يؤكد الحرف تأكيداً لفظياً، إلا بإعادة ما دخل عليه، أو بإعادة ضميره - كهذه الآية - ولا يجوز أن يعود - وحْدَه - إلا في ضرورةٍ.

كقوله: [الرجز]

1568 - حَتَّى تَرَاهَا وكَأنَّ وكأنْ ... أعْنَاقَهَا مُشَدَّدَاتٌ بِقَرَنْ

كذا ينشدون هذا البيت.

وأصرح منه في الباب - قول الشاعر: [الوافر]

1569 - فَلاَ وَاللهِ لا يُلْقَى لِمَا بِي ... وَلاَ لِلِمَا بِهِمْ أبَداً دَوَاءُ

ويحسن ذلك إذا اختلف لفظهما.

كقوله: [الطويل]

1570 - فَأصْبَحْنَ لا يَسْألْنني عَنْ بِمَا بِهِ ... أصَعَّدَ في عُلُوِ الْهَوَى أمْ تَصَوَّيَا

للهم إلا أن يكون ذلك الحرفُ قائماً مقام جملة، فيُكَرَّر - وحده - كحروف الجواب، مثل: نَعَمْ نَعَمْ، وبلى بلى، ولا لا.

والثاني: أن قوله: {فَفِي رَحْمَةِ الله} : خبر لمبتدأ مُضْمَر، والجملة - بأسْرها - جواب: «أما» والتقدير: فهم مستقرون في رحمة الله، وتكون الجملة - بعده - من قوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} جملة مستقلة من مبتدأ وخبر، دلت على أن الاستقرار في الرحمة على سبيل الخلود، فلا تعلُّق لها بالجملة قبلها من حيث الإعراب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015