وأصله من التَّخويف تقول أنذرت القوم إنذاراً بالتخويف، وفي الشرع على ضربين: مفسر: كقوله للهِ عليَّ عَتْق رَقَبةٍ، ولِلَّهِ عليَّ حجٌّ فهاهنا يلزم الوفاء، ولا يجزيه غيره، وغير مفسَّر كقوله: نذرت لله تعالى ألاَّ أفعل كذا، ثم يفعله، أو يقول: لله عليَّ نذرٌ، ولم يسمِّه، فيلزمه كفارة يمينٍ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «َمَنْ نَذَرَ نَذْراً، وسَمَّى فَعَلْيهِ ما سمَّى، ومَنْ نَذَرَ نَذْراً، ولَمْ يُسَمِّ فَعَلَيْهِ كَفَّارةُ يَمِينٍ» .
قوله: {فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ} جواب الشرط؛ إن كانت «ما» شرطيةً، أو زائدة في الخبر، إن كانت موصولة.
فإن قيل: لم وحَّد الضمير في «يَعْلَمُه» وقد تقدم شيئان النفقة، والنذر؟
فالجواب أن العطف هنا ب «أو» ، وهي لأحد الشيئين، تقول: «إنْ جاء زيدٌ، أو عمروٌ أكرمتُه» ، ولا يجوز: أكرمتها، بل يجوز أن تراعي الأول نحو: زيدٌ أو هندٌ منطلقٌ، أو الثاني، نحو: زيدٌ أو هندٌ منطلقة، والآية من هذا، ولا يجوز أن يقال: منطلقان. ولهذا أوَّل النحاة: {إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فالله أولى بِهِمَا} [النساء: 135] كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ومن مراعاة الأول قوله: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] ، على هذا لا يحتاج إلى تأويلات ذكرها المفسرون. وروي عن النَّحاس أنه قال: التقدير: وما أنفقتم من نفقةٍ، فإنَّ الله يعلمها، أو نذرتم من نذر، فإنَّ الله يعلمه، فحذف، ونظَّره بقوله تعالى: {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة وَلاَ يُنفِقُونَهَا} [التوبة: 34] وقوله: [المنسرح]
1234 - نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
وقول الآخر في هذا البيت: [الطويل]
1235 - رَمَانِي بأَمْرٍ كُنْتُ مِنْه وَوَالِدِي ... بَرِيئاً وَمِنْ أَجْلِ الطَوِيِّ رَمَانِي
وهذا لا يحتاج إليه؛ لأنَّ ذلك إنما هو في الواو المقتضية للجمع بين الشيئين، وأمَّا «