الثاني: بمعنى الشَّتيمة؛ قال تعالى: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً} [الفرقان: 72] ، أي: لم يجيبوهم؛ ومثله: {وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو أَعْرَضُواْ عَنْهُ} [القصص: 55] .
الثالث: بمعنى الحلف عند شُرْب الخمر؛ قال تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا} [الطور: 23] ، أي: لا يحلف بعضهم على بعض.
فصل
والباء في «بِاللَّغْوِ» متعلِّق ب «يؤاخذكم» والباء معناها السَّببيّة، كقوله: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ} [العنكبوت: 40] ، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِظُلْمِهِمْ} [النحل: 61] .
واختلف في اللَّغْوِ: فقيل: ما سبق به اللسانُ مِنْ غيرِ قصدٍ، قاله الفرَّاء، ومنه قول الفرزدق: [الطويل]
1091 - وَلَسْتَ بِمَأْخُوذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ ... إِذَا لَمْ تُعَمِّدْ عَاقِدَاتِ العَزَائِمِ
ويُحْكَى أن الحسن سُئِلَ عن اللَّغو وعن المَسبيَّة ذات زوجٍ، فنهض الفرزدق، وقال: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قُلْتُ، وأَنْشَد البيت: [الطويل]
وَلَسْتَ بمَأْخُوذٍ ... ... ... ... ... ... ... . ..... ... ... ... ... ... ... ...
وقوله: [الطويل]
1092 - وَذَاتِ حَلِيلٍ أَنْكَحَتْهَا رِمَاحُنَا ... حَلاَلٌ لِمَنْ يَبْنِي بِهَا لَمْ تُطَلِّقِ
فقال الحسن: «ما أَذْكَاكَ لَوْلاَ حِنْثُك» ، وقد يُطْلَقُ على كلِّ كلامٍ قبيحٍ «لَغْوٌ» .
قال تعالى: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ} [الفرقان: 72] ، {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً} [مريم: 62] ؛ وقال العجاج: [الرجز]
1093 - وَرَبِّ أَسْرَابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ ... عِنِ اللَّغَا وَرَفَثَ التَّكَلُّمِ
وقيل: ما يُطرحُ من الكلام؛ استغناءً عنه، مأخوذٌ من قولهم لِما لا يُعْتَدُّ به من أولاد الإِبل في الدِّيَة «لَغْوٌ» ؛ قال جريرٌ: [الوافر]
1094 - وَيَهْلكُ وَسْطَهَا المَرْئيُّ لَغْواً ... كَمَا أَلْغَيْتَ فِي الدِّيَةِ الحُوَرَا
وقيل: «اللَّغو» السَّاقط الذي لا يُعتدُّ به سواء كان كلاماً أو غيره، فأَمَّا وروده في