فالهمزة فيه للتَّعدية، وعلى هذا فأحد المفعولين محذوفٌ، وهو المفعول الأوَّل؛ لأنه فاعلٌ معنّى تقديره: ولا تنكحوا أنفسكم المشركات.
والنِّكاح في الأصل عند العرب: لزوم الشَّيء، والإكباب عليه؛ ومنه: «نَكَحَ المَطَرُ الأَرْضَ» ، حكاه ثعلبٌ عن أبي زيد، وابن الأعرابي.
قال الزَّجَّاجيُّ: «النّكاح في الكلام بمعنى الوطء، والعقد جميعاً، موضوع (ن. ك. ح) على هذا التَّرتيب في كلامهم للفرد والشَّيء راكباً عليه هذا كلام العرب الصَّحيح» .
أصله المداخلة؛ ومنه: تناكحت الشَّجر: أي: تداخلت أغصانها؛ ويطلق النِّكاح على العقد؛ كقول الأعشى: [الطويل]
1074 - وَلاَ تَقْرَبَنَّ جَارَةً إِنَّ سِرَّهَا ... حَرَامٌ عَلَيْكَ فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدَا
أي: فاعْقِدْ، أو توحَّش، وتجنَّب النِّساء، ويطلق أيضاً على الوطء؛ كقوله: [البسيط]
1075 - البَارِكِينَ عَلَى ظُهُورِ نِسْوَتِهِمْ ... والنَّاكِحِينَ بِشَطِّ دَجْلَةَ الْبَقَرَا
وحكى الفرَّاء «نُكُح المَرْأَةِ» بضمِّ النُّون على بناء «القُبُل» ، و «الدُّبُر» ، وهو بضعها، فمعنى قولهم: «نَكَحَها» أي أصاب ذلك الموضع، نحو: كَبَدَهُ، أي أصاب كبده، وقلَّما يقال: ناكحها، كما يقال باضعها.
وقال أبو علي: فَرَّقَتِ العَرَبُ بين العَقْدِ والوَطْءِ بِفَرْقِ لَطِيفٍ، فإذا قالوا: «نَكَحَ فُلاَنٌ فُلاَنَةٌ، أو ابنةَ فلانٍ» ، أرادوا عقد عليها، وإذا قالوا: نَكَحَ امرأته، أو زوجته، فلا يريدون غير المجامعة، وهل إطلاقه عليهما بطريق الحقيقة فيكون من باب الاشتراك، أو بطريق الحقيقة والمجاز؟ الظَّاهر: الثاني: فإنَّ المجاز خيرٌ من الاشتراك، وإذا قيل بالحقيقة، والمجاز فأيهما حقيقة؟ ذهب قوم إلى أنَّه حقيقةٌ في العقد واحتجوا بوجوهٍ:
منها: قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «لاَ نِكَاحَ إلاَّ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ» ، وقَّف النِّكاح