وقيل: في الاخرة نيران ودركات متفاضلة، كما في الدنيا ذُنُوبٌ ومعاصي متفاضلة، فكما أنَّ الكافر أشقى العصاة، فكذلك يصلى أعظم النيران.

فإن قيل: لفظ الأشقى لا يستدعي وجود الشقي فكيف حال هذا القسم؟ .

فالجواب ان لفظ «الأشقى» لا يستدعي وجود الشقي إذ قد يرد هذا اللفظ من غير مشاركة، كقوله: {أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} [الفرقان: 24] ، «ويتَجنَّبُهَا الأشْقَى» ، كقوله: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] .

وقال ابن الخطيب: الفرق ثلاث: العارف، والمتوقف، والمعاند، فالسعيد: هوالعارف، والمتوقف له بعض الشقاء، والأشقى: هو المعاند.

قوله: {ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا} ؛ لا يموت فيستريح، ولا يحيى حياة تنفعه، كقوله تعالى: {لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] .

فإن قيل: هذه الآية تقتضي أن ثمَّة حالة غير الحياة والموت، وذلك غير معقول؟ .

فالجواب: قال بعضهم: هذا كقول العرب للمبتلى بالبلاء الشديد: لا هو حي، ولا هو ميت.

وقيل: إن نفس أحدهم في النار تمرُّ في حلقه، فلا تخرج للموت، ولا ترجع إلى موضعها من الجسم، فيحيى.

وقيل: حياتهم كحياة المذبوح وحركته قبل مفارقة الروح، فلا هو حي؛ لأن الروح لم تفارقه بعد، ولا هو ميت؛ لأن الميت هو الذي تفارق روحه جسده. و «ثمّ» للتراخي بين الرتب في الشدة.

قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى} أي: صادف البقاء في الجنة، أي: من تطهَّر من الشِّركِ بالإيمان قاله ابن عباسٍ وعطاءٌ وعكرمةُ.

وقال الربيعُ والحسنُ: من كان عمله زاكياً نامياً وهو قول الزجاج.

وقال قتادةُ: «تزكَّى» ، أي: عمل صالحاً.

وعن عطاءٍ، وأبي العالية: نزلت في صدقة الفطر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015