وهو المسوغ للابتداء بالنكرة، و «أبْصارُهَا» مبتدأ ثانٍ، و «خَاشِعَة» خبره، وهو وخبره خبر الأول، وفي الكلام حذف مضاف، تقديره: أبصار أصحاب القلوب.
قال ابن عطية: وجاز ذلك، أي: الابتداء ب «قُلُوب» ؛ لأنها تخصصت بقوله: «يَوْمَئِذ» .
ورد عليه أبو حيان: بأن ظرف الزَّمان لا يخصص الجثث، يعني: لا يوصف به الجثث.
و «الواجِفة» : الخائفة الوجلة، قاله ابن عباس، يقال: وجَفَ يَجِفُ وجِيفاً، وأصله: اضطراب القلب.
قال قيس بن الخطيم: [المنسرح]
5088 - إنَّ بَنِي جَحْجَبَى وأسرتَهُمْ ... أكْبَادُنَا مِنْ وَرائِهمْ تَجِفُ
وقال السديُّ: زَائلةٌ عن أماكنها، ونظيره: {إِذِ القلوب لَدَى الحناجر} [غافر: 18] .
وقال المؤرج، قلقة مستوفزة، مُرتكضةٌ غير ساكنة.
وقال المبرد: مضطربة، والمعنى متقارب، والمراد: قلوب الكفَّار، يقال: وجَفَ القلب يَجِفُ وجِيفاً: إذا خفق، كما يقال: وجَبَ يَجِبُ وَجِيْباً - بالياء الموحدة - بدل الفاء، ومنه وجيف الفرس والنَّاقة في العدوِ.
والإيجاف: حمل الدابة على السير السريع.
قوله: {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} أي: مُنْكَسِرةٌ ذليلة من هول ما ترى، نظيره: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [القلم: 43] .
قوله: {يَقُولُونَ} أي: يقول هؤلاء المكذِّبون المنكِرُونَ للبعث إذا قيل لهم: إنكم تُبْعَثُون، قالوا منكرين متعجبين: أنُرَدُّ بعد موتتنا إلى أول الأمر، فنعود أحياء، كما كنا قبل الموت؟ وهو كقولهم: {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} [الإسراء: 49] .