وقرأ أبيّ وعبد الله بن عباس: «تَدارَكتْهُ» بتاء التأنيث لأجل اللفظِ.

والحسن وابن هرمز والأعمش: «تَدّارَكهُ» - بتشديد الدال -.

وخرجت على الأصل: تتداركه - بتاءين - مضارعاً، فأدغم، وهو شاذ؛ لأن الساكن الأول غير حرف لين؛ وهي كقراءة البزي {إذْ تَلَّقَّوْنَهُ} [النور: 15] ، و {ناراً تَلَّظَّى} [الليل: 14] ، وهذا على حكاية الحال، لأن المقصد ماضيه، فإيقاع المضارع هنا للحكاية، كأنه قال: لولا أن كان يقال فيه: تتداركه نعمة.

قوله: {نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ} .

قال الضحاكُ: النعمة هنا: النبوة.

وقال ابن جبيرٍ: عبادته التي سلفت.

وقال ابن زيدٍ: نداؤه بقوله {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين}

[الأنبياء: 87] .

وقال ابن بحرٍ: إخراجه من بطن الحوتِ.

وقيل: رحمة من ربِّه، فرحمه وتاب عليه.

قوله: {لَنُبِذَ بالعرآء} ، هذا جواب «لَوْلاَ» ، أي: لنبذ مذموماً لكنه نبذ سقيماً غير مذموم.

وقيل: جواب «لَولاَ» مقدر، أي: لولا هذه النعمة لبقي في بطن الحوتِ.

ومعنى: «مَذْمُوم» ، قال ابن عباس: مُليمٌ.

وقال بكر بن عبد الله: مُذنِبٌ.

وقيل: مبعدٌ من كل خير. والعراء: الأرض الواسعة الفضاء التي ليس فيها جبل، ولا شجر يستر.

وقيل: لولا فضلُ الله عليه لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، ثم نبذ بعراء القيامة مذموماً، يدل عليه قوله تعالى {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143، 144] .

فصل في عصمة الأنبياء

قال ابن الخطيب: هل يدل قوله «وهُوَ مَذمُومٌ» على كونه فاعلاً للذنب؟ قال: والجوابُ من ثلاثة أوجه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015