أحدها: أن أكثر القراء يقف عليها، ولو كان اسم جبل لما جاز الوقف في الإدراج لأنَّ من قال ذلك قال بأن الله تعالى أقسم به.

وثانيها: لو كان كذلك لذكر بحرف القسم كقوله تعالى: {والطور} [الطور: 1] ، ونحوه؛ لأن حرف القسم يحذف حيث يكون المقسم به مستحقاً لأنْ يُقْسَمَ بِهِ، كقولنا: «اللَّه لأَفْعَلَنَّ كَذَا» فاستحقاقه له يغني عن الدلالة عليه باللفظ ولا يحسن أن يقال: زَيْد لأَفْعَلَنَّ كَذَا.

ثالثها: أنه لو كان كما ذكر لكان يكتب قاف مع الألف والفاء كما يكتب: {عَيْنٌ جَارِيَةٌ} [الغاشية: 12] ، ويكتب {أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] وفي جميع المصاحف يكتب حرف «ق» .

رابعها: أن الظاهر كون الأمر فيه كالأمر في «ص» و «ن» و «حم» وهي حروف لا كلمات فكذلك في «ق» .

فإن قيل: هو منقول عن ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) -.

نقول: المنقول عنه: أن قاف اسم جبل، وأما أن المراد ههنا ذلك فَلاَ.

فصل

قال ابن الخطيب: هذه السورة وسورة ص يشتركان في افتتاح أولهما بالحرف المعجم والقسم بالقرآن بعده وقوله بعد القسم: بل والتعجب. ويشتركان أيضاً في أن أول السورتين وآخرهما متناسبات لأنّه تعالى قال في أول السورة: {ص والقرآن ذِي الذكر} [ص: 1] وفي آخرها: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} [ص: 87] وقال في أولِ ق: «وَالقُرْآنِ المَجِيدِ» ، وقال في آخرها: {فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45] ، فافتتح بما اختتم به. وأيضاً في أول ص صرف العناية إلى تقرير الأصل الأول وهو التوحيد لقوله تعالى: {أَجَعَلَ الآلهة إلها وَاحِداً} [ص: 5] وفي هذه السورة صرف العناية إلى تقرير الأصل الآخر وهو الحشر فقال تعالى: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} ، فلما كان افتتاح سورة «ص» في تقرير المبدأ قال في آخرها: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ}

[ص: 71] . وختمه بحكاية بَدْء آدمَ، لأنَّه دليل الوحدانية، ولما كان افتتاح «ق» لبيان الحشر قال في آخرها: {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق: 44] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015