وقوله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] والرسول هو نفس الأسوة. كذا أجابوا. وفيه نظر؛ إذ الظاهر وهو معنى صحيح منقول أن في النار داراً تسمى دار الخلد، والنار محيطة بها.
قوله: «جزاء» في نصبه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه منصوب بفعل مقدر، وهو مصدر مؤكد، أي يجزون جزاءً.
الثاني: أن يكون بالمصدر الذي قبله، وهو جزاء أعداء الله. والمصدر ينصب بمثله كقوله {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً} [الإسراء: 63] .
الثالث: أن ينتصب على أنه مصدر واقع موقع الحال و «بِمَا» متعلق «بجزاء» الثاني إن لم يكن مؤكداً وبالأول إن كان (مؤكداً) و «بِآيَاتِنَا» متعلق بيجحدون.
فصل
لما قال: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [فصلت: 27] بين أن ذلك الأسوأ الذي جعل جزاء أعداء الله هو النار، ثم قال: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ} ، أي لهم في جملة النار دارٌ معينة، وهي دار العذاب الخلد، {جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون} أي يبلغون في القراءة، وسماه لآمنوا به فاستخرجوا (تلك) الطريقة الفاسدة وذلك يدل على أنهم علموا كونه معجزاً وأنهم جحدوا حسداً.
قال الزمخشري: «أي بما كانوا يلغون، فذكر الجحود؛ لأنه سبب اللَّغو» انتهى.
ثعني أنه من باب إقامة السبب قمام المسبَّب، وهو مجاز سائغٌ.
قوله: {وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا ... .} الآية تقدم الخلاف في «أَرِنَا» وفي نون الَّذين وقال الخليل: إذا قلت: أرني ثوبك فمعناه بصِّرنيهِ، وبالسكون أعطنيه.