ولابد في ذلك كله من العدالة ولفظ الشهادة، فإن لم يذكر الشاهد لفظ الشهادة وقال أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته.
وقال أبو حنيفة: يقتصر الحاكم على ظاهر عدالة المسلم، إلا في الحدود والقصاص، فإنه يسأل عن الشهود، وإن طعن الخصم فيهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولابد في ذلك كله من العدالة) ، لقوله تعالى: {فأشهدوا ذوي عدلٍ منكم} ولقوله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} ولأن العدالة هي المعينة للصدق، لأن من يتعاطى غير الكذب قد يتعاطاه، وعن أبي يوسف أن الفاسق إذا كان وجيهاً في الناس ذا مروءة تقبل شهادته؛ لأنه لا يستأجر لوجاهته، ويمتنع عن الكذب بمروءته، والأول أصح إلا أن القاضي لو قضى بشهادة الفاسق يصح، والمسألة معروفة، هداية (ولفظ الشهادة) لأن النصوص نطقت باشتراطها؛ إذ الأمر بهذه اللفظة، ولأن فيها زيادة تأكيد فإن قوله "أشهد" من ألفاظ اليمين، فكان الامتناع عن الكذب بهذا اللفظ أشد (فإن لم يذكر الشاهد لفظ الشهادة، وقال) عوضاً عنها (أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته) ؛ لما قلنا، قال في الهداية: وقوله "في ذلك كله" إشارة إلى جميع ما تقدم، حتى تشترط العدالة ولفظ الشهادة في شهادة النساء في الولادة وغيرها، هو الصحيح؛ لأنه شهادة، لما فيه من معنى الإلزام، حتى اختص بمجلس القضاء، ويشترط فيه الحرية والإسلام، اهـ.
(وقال أبو حنيفة: يقتصر الحاكم على ظاهر عدالة) الشاهد (المسلم) ولا يسأل عنه، إلا إذا طعن فيه الخصم، لقوله عليه الصلاة والسلام: "المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض، إلا محدوداً في قذف" ولأن الظاهر الانزجار عما هو محرم في دينه، وبالظاهر كفاية، إذ لا وصول إلى القطع، هداية (إلا في الحدود والقصاص فإنه يسأل) فيها (عن الشهود) وإن لم يطعن الخصم؛ لأنه يحتال لإسقاطها فيشترط الاستقصاء فيها، لأن الشبهة فيها دارثة (وإن طعن الخصم فيهم) أي الشهود