فشهد الشهود بذلك عليه أو أقر فعليه الحد، وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد، ومن سكر من النبيذ حد، ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها، ولا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعاً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(فشهد الشهود بذلك عليه أو أقر) به (فعليه الحد) سواء سكر أم لا، لأن جناية الشرب قد ظهرت، ولم يتقادم العهد (وإن أقر) بذلك (بعد ذهاب ريحها لم يحد) عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: يحد، وكذلك إذا شهدوا عليه بعدما ذهب ريحها، إلا أن يتقادم الزمان كما في الزنا، فالتقادم يمنع قبول الشهادة بالاتفاق، غير أنه مقدر بالزمان عنده اعتبارا بحد الزنا، وعندهما بزوال الرائحة. وأما الإقرار فالتقادم لا يبطله عنده كما في حد الزنا، وعندهما لا يقام إلا عند قيام الرائحة، قال الإسبيجاني والصحيح قولهما، واعتمده المحبوبي والنسفي، تصحيح. وإن أخذه الشهود وريحها يوجد منه أو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الإمام فانقطع ذلك قبل أن ينتهوا به حد في قولهم جميعاً، لأن هذا عذر كبعد المسافة في حد الزنا، هداية.
(ومن سكر من النبيذ) أي نبيذ كان (حد) قيد بالسكر من النبيذ لأنه لا يحد بشربه إذا لم يسكر اتفاقا، وإن اختلف في الحل والحرمة في شرب دون المسكر إذا كان كثيره يسكر، للشبهة. والسكران عند أبي حنيفة: من لا يعرف الرجل من المرأة والأرض من السماء، وقالا: هو الذي يخلط كلامه ويهذي، لأنه هو المتعارف بين الناس، وهو اختيار أكثر المشايخ كما في الاختيار، وقال قاضيخان: والفتوى على قولهما، اهـ.
(ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها) ، لأن الرائحة محتملة، وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار (ولا يحد السكران) بمجرد وجدانه سكران بل (حتى يعلم أنه سكر من النبيذ) أو الخمر (وشربه طوعا) لاحتمال سكره