وتطهير النجاسة التي يجب غسلها على وجهين: فما كان له منها عينٌ مرئيةٌ فطهارتها زوال عينها، إلا أن يبقى من أثرها ما يشق إزالته، وما ليس له عينٌ مرئيةٌ فطهارتها أن يغسل حتى يغلب على ظن الغاسل أنه قد طهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
- يعني صاحب الهداية - لأن التقدير فيه بالكثير الفاحش يفيد أن أصل المروي عن أبي حنيفة ذلك على ما هو دأبه في مثله من عدم التقدير؛ فما عد فاحشاً منع، وما لا فلا اهـ. وإنما عدلوا عن التعبير بالكثير الفاحش إلى التقدير بالربع تيسيراً على الناس، سيما من لا رأي له من العوام، كما مر على نظيره الكلام، وبه ظهر الجواب عما إذا أصاب الثوب أو البدن من النجس المخفف المتجسد مقدار كثير، إلا أنه لتراكمه لا يبلغ الربع، فهل يمنع؟ وما القدر المانع؟ ولا شك أنه إذا كان كثيراً فاحشاً يمنع وإن لم يبلغ الربع لتراكمه؛ لما علمت أنه أصل المروي عن الإمام، ويحد القدر المانع فيه تيسيراً بأنه إن كان بحيث لو كان مائعاً بلغ الربع منع، وإلا فلا.
(وتطهير) محل (النجاسة التي يجب غسلها على وجهين) ، لأن النجاسة إما أن تكون لها عين مرئية أو لا (فما كان له منها عين مرئية) كالدم (فطهارتها) أي النجاسة، والمراد محلها (زوال عينها) ولو بمرة على الصحيح، وعن الفقيه أبي جعفر أنه يغسل مرتين بعد زوال العين، إلحاقاً لها بغير مرئية غسلت مرة (إلا أن يبقى من أثرها) كلون أو ريح (ما يشق إزالته) فلا يضر بقاؤه، ويغسل إلى أن يصفو الماء، على الراجح، والمشقة: أن يحتاج في إزالته إلى غير الماء القراح كحرض أو صابون أو ماء حار (وما ليس له عين مرئية) كالبول (فطهارتها أن يغسل) : أي محل النجاسة (حتى يغلب على ظن الغاسل أنه) أي المحل (قد طهر) لأن الكرار لابد منه للاستخراج، ولا يقطع بزواله، فاعتبر غالب الظن، كما في أمر القبلة، وإنما قدروا بالثلاث لأن غالب الظن يحصل عنده؛ فأقيم السبب الظاهر مقامه تيسيراً، ويتأيد ذلك بحديث المستيقظ من منامه ثم لابد من الصر في كل