وأنت واحدةٌ، وبقية الكنايات إذا نوى بها الطلاق كانت واحدةً بائنةً، وإن نوى بها ثلاثاً كانت ثلاثاً، وإن نوى اثنتين كانت واحدةً، وهذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يستعمل بمعنى الاعتداد؛ لأنه تصريح بما هو المقصود بالعدة، فكان بمنزلته، ويحتمل الاستبراء ليطلقها حال فراغ رحمها. أي تعرفي رحمك لأطلقك.
(وأنت واحدة) لاحتمال أنه أراد أنت واحدة عند قومك أو منفردة عندي ليس لي معك غيرك أو نعتاً لمصدر محذوف: أي أنت طالق تطليقة واحدة، فإذا نواه جعل كأنه قاله، قال في الهداية: ولما احتملت هذه الألفاظ الطلاق وغيره تحتاج فيه إلى النية، ولا يقع إلا واحدة لأن قوله "أنت طالق" فيها مقتضى مضمر ولو كان مظهراً لا يقع به إلا واحدة فإذا كان مضمر أولى، ثم قال: ولا معتبر بإعراب الواحدة عند عامة المشايخ، وهو الصحيح لأن العوام لا يميزون بين وجوه الإعراب اهـ، وقوله "فيها مقتضى أو مضمر" يعني أن ثبوت الطلاق بهذه الألفاظ إما بطريق الاقتضاء كما في "اعتدي واستبرئي رحمك" لأن الطلاق ثبت شرعاً لا لغة، وإما بطريق الإضمار كما في قوله " أنت واحدة"؛ لأنه لما زال الإبهام بنية الطلاق ثبت الطلاق لغة على أنه مضمر فيه بحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، وهذا سائغ في كلامهم، وقوله "ولا معتبر بإعراب الواحدة - الخ" احتراز عما قبل إن رفع واحدة لا يقع به شيء، لأنه صفة للمرأة، وإن نصبها وقعت واحدة لأنها صفة للمصدر، وإن سكن اعتبرت نيته كما في غاية البيان، وتمامه فيها (وبقية الكنايات) أي ما سوى الألفاظ الثلاثة المذكورة (إذا نوى بها الطلاق كانت) طلقة (واحدة بائنة) لأنها ليست كناية عن مجرد الطلاق، بل عن الطلاق على وجه البينونة؛ لأنها عوامل في حقائقها، واشترط النية لتعيين أحد نوعي البينونة دون الطلاق (وإن نوى) طلاقا (ثلاثاً كانت ثلاثاً) ؛ لأن البينونة نوعان: مغلظة وهي الثلاث، ومخففة وهي الواحدة، فأيهما نوى وقعت لاحتمال اللفظ (وإن نوى اثنتين كانت) طلقة (واحدة) لأن الثنتين عدد محض، ولا دلالة عليه؛ فيثبت أدنى البينونتين وهي الواحدة (وهذا