فهو شريكٌ لصاحبها، وإن أنفق المودع بعضها ثم رد مثله فخلطه بالباقي ضمن الجميع، وإذا تعدى المودع في الوديعة - بأن كانت دابةً فركبها أو ثوباً فلبسه، أو عبداً فاستخدمه، أو أودعها عند غيره - ثم أزال التعدي وردها إلى يده زال الضمان، فإن طلبها صاحبها فحجدها إياه فهلكت ضمنها، فإن عاد إلى الاعتراف لم يبرأ من الضمان.
وللمودع أن يسافر بالوديعة وإن كان لها حملٌ ومؤنةٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كأن انشق الظرفان وانصب أحدهما على الآخر (فهو) : أي المودع (شريك لصاحبها) اتفاقا؛ لاختلاطها من غير جناية (وإن أنفق المودع بعضها) أي الوديعة (ثم رد مثله) أي مثل ما أنفقه (فخلطه) : أي المردود (بالباقي) ثم هلكت (ضمن الجميع) أي جميع الوديعة، من الذي كان بقي منها والذي رده إليها عوضاً عما أنفقه؛ لخلطه الوديعة بماله فيكون استهلاكا على الوجه الذي تقدم (وإذا تعدى المودع في الوديعة - بأن كانت دابة فركبها، أو ثوباً فلبسه، أو عبدا فاستخدمه، أو أودعها عند غيره) ممن ليس في عياله (ثم أزال التعدي وردها إلى يده زال الضمان) لزوال سببه - وهو التعدي - وبقاء الأمر بالحفظ، فكانت يده كيد المالك حكما؛ لأنه عاملٌ له بالحفظ، فبإزالة التعدي ارتدت إلى يد صاحبها حكما (فإن طلبها صاحبها فجحدها إياه) فهلكت (ضمنها) ؛ لأنه لما طالبه بالرد فقد عزله عن الحفظ، فيبقى بعده بالإمساك غاصباً، فيضمن (فإن عاد) بعد جحوده (إلى الاعتراف) بها (لم يبرأ من الضمان) ؛ لارتفاع العقد، لأن المطالبة بالرد رفع من جهة المالك، والجحود فسخ من جهة المودع، فتم رفع العقد منهما، وإذا ارتفع لا يعود إلا بالتجديد، فلم يوجد الرد إلى نائبه، بخلاف المخالفة، ثم العود إلى الوفاق لبقاء الأمر؛ فكان الرد إلى نائبه كما ي الهداية.
(وللمودع أن يسافر بالوديعة وإن كان لها حمل) أي ثقل (ومؤنة) أي أجرة عند أبي حنيفة، لإطلاق الأمر، وقالا: ليس له ذلك إذا كان له حمل ومؤنة،