وإذا وهب هبةً لأجنبيٍ فله الرجوع فيها، إلا أن يعوضه عنها، أو تزيد زيادةً متصلةٌ، أو يموت أحد المتعاقدين، أو تخرج الهبة من ملك الموهوب له، وإن وهب هبة لذي رحمٍ محرمٍ منه فلا رجوع فيها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا وهب هبة لأجنبي) وقبضها الموهوب له (فله) أي للواهب (الرجوع فيها) لأن المقصود بها التعويض للعادة، فيثبت ولاية الفسخ عند فواته، إذ العقد يقبله. هداية، ثم قال: وقوله "فله الرجوع" لبيان الحكم، أما الكراهة فلازمة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "العائد في هبته كالعائد في قيئه". اهـ.
(ثم ذكر المصنف للرجوع موانع فقال: (إلا أن يعوضه) الموهوب له (عنها) ويقبضه الواهب، لحصول المقصود، لكن بشرط أن يذكر لفظا يعلم الواهب أنه عوض عن كل هبته كما يأتي قريبا (أو تزيد) العين الموهوبة بنفسها (زيادة متصلة) موجبة لزيادة القيمة كالبناء والغرس والسمن ونحو ذلك، لأنه لا وجه للرجوع فيها دون الزيادة لعدم الإمكان، ولا معها لعدم دخولها تحت العقد. قيد بالزيادة لأن النقصان لا يمنع، وبالمتصلة لأن المنفصلة كالولد والأرش لا تمنع فيرجع بالأصل دون الزيادة، وقيدنا الزيادة بنفسها لأنها لو كانت بالقيمة لا تمنع، لأنها للرغبة إذ العين بحالها، وبالموجبة لزيادة القيمة، لأنه لو كانت غير موجبة لزيادة القيمة لا تمنع، لأنها قد توجب نقصا (أو يموت أحد المتعاقدين) ، لأن بموت الموهوب له ينتقل الملك إلى الورثة، فصار كما إذا انتقل في حال حياته، وإذا مات الواهب فوارثه أجنبي عن العقد، إذ هو ما أوجبه. هداية (أو تخرج الهبة من ملك الموهوب له) ، لأنه حصل بتسليط الواهب، فلا يكون له نقضه، لأن نقض الإنسان ما تم من جهته مردود، ولأن تبدل الملك كتبدل العين، وقد تبدل الملك بتجدد السبب، وفي المحيط: لو رده المشتري بعيب إلى الموهوب له ليس للواهب الرجوع، ولو وهبه لآخر ثم رجع فللأول الرجوع، لو وهب دارا فقبضها الموهوب له ثم باع نصفها فللواهب الرجوع في الباقي لخلوه من مانع الرجوع، كذا في الفيض (وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه) نسباً (فلا رجوع فيها) ،