ومن شرطها أن يكون الربح بينهما مشاعاً لا يستحق أحدهما منه دراهم مسماةً، ولابد أن يكون المال مسلماً إلى المضارب، ولا يد لرب المال فيه، فإذا صحت المضاربة مطلقةً جاز للمضارب أن يشتري ويبيع ويسافر ويبضع ويوكل، وليس له أن يدفع المال مضاربةً إلا أن يأذن له رب المال في ذلك، وإن خص له رب المال التصرف في بلد بعينه أو في سلعة بعينها لم يجز له أن يتجاوز ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها قوله: (ومن شرطها أن يكون الربح بينهما مشاعاً) بحيث (لا يستحق أحدهما منه) أي الربح (دراهم مسماة) لأن ذلك يقطع الشركة بينهما؛ لاحتمال أن لا يحصل من الربح إلا قدر ما شرطه له كما مر، ومنها قوله: (ولابد أن يكون المال مسلماً إلى المضارب) ليتمكن من التصرف (و) منها أن يكون (لا يد لرب المال فيه) بأن لا يشترط عمل رب المال؛ لأنه يمنع خلوص يد المضارب، ومنها كون رأس المال معلوماً بالتسمية أو الإشارة إليه.
(فإذا صحت المضاربة) باستيفاء شرائطها، وكانت (مطلقة) غير مقيدة بزمان أو مكان أو نوع (جاز للمضارب أن يشتري ويبيع) بنقد ونسيئة متعارفة و (يسافر) برا وبحراً (ويبضع ويوكل) ويودع ويرهن ويرتهن ويؤجر ويستأجر، ويحيل ويحتال؛ لإطلاق العقد، والمقصود منه الاسترباح، ولا يتحصل إلا بالتجارة؛ فينتظم العقد صنوف التجارة وما هو من صنيع التجار، والمذكور كله من صنيع التجار (وليس له) أي المضارب (أن يدفع المال مضاربة) لأن الشيء لا يتضمن مثله (إلا) بالتنصيص عليه، مثل (أن يأذن له رب المال في ذلك) به أو التفويض المطلق إليه، بأن يقول له: اعمل برأيك، ولا يملك الإقراض ولا الاستدانة وإن قيل له "اعمل برأيك" ما لم ينص عليهما.
(وإن خص له رب المال التصرف في بلد بعينه أو في سلعة بعينها لم يجز له) أي المضارب (أن يتجاوز ذلك) المعين؛ لأن المضاربة تقبل التقييد؛ لأنها توكيل، وفي التخصيص فائدة فيتخصص، فإن اشترى غير المعين أو في البلد المعين كان ضامناً للمال، وكان المشتري له، وله ربحه؛ وإن خرج بالمال لبلد