وإذا راهق الغلام والجارية وأشكل أمرهما في البلوغ وقالا "قد بلغنا" فالقول قولهما، وأحكامهما أحكام البالغين.
وقال أبو حنيفة: لا أحجر في الدين. وإذا وجبت الديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه، وإن كان له مالٌ لم يتصرف فيه الحاكم، ولكن يحبسه أبداً حتى يبيعه في دينه، فإن كان له دراهم ودينه دراهم قضاها القاضي بغير أمره،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام أبو العباس أحمد بن علي البعلبكي في شرحه: وقولهما رواية عن أبي حنيفة، وعليه الفتوى، تصحيح (وإذا راهق الغلام والجارية) أي قاربا البلوغ (وأشكل أمرهما في البلوغ) وعدمه (فقالا: قد بلغنا، فالقول قولهما) لأنه معنى لا يعرف إلا من جهتهما؛ فإذا أخبرا به ولم يكذبهما الظاهر قبل قولهما فيه كما يقبل قول المرأة في الحيض، هداية. (وأحكامهما) بعد إقرارهما بالبلوغ (أحكام البالغين) قال أبو الفضل الموصلي: وأدنى مدة يصدق فيها الغلام على البلوغ اثنتا عشرة سنة، والجارية تسع سنين، وقيل غير ذلك، وهذا هو المختار. تصحيح.
(وقال أبو حنيفة: لا أحجر) على المفلس (في الدين) : أي بسبب الدين (وإذا وجبت الديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه) : أي حبس المديون (والحجر عليه) عن البيع والشراء (لم أحجر عليه) ؛ لأن في الحجر عليه إهدار أهليته؛ فلا يجوز لدفع ضرر خاص، أعني ضرر الدائن، واعترض بالحجر على العبد لأجل المولى، وأجيب بأن العبد أهدرت آدميته بسبب الكفر (وإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم) لأنه نوع حجر، ولأنه تجارة لا عن تراضٍ فيكون باطلا بالنص (ولكن يحبسه) الحاكم (أبداً حتى يبيعه) بنفسه (في دينه) : أي لأجل قضاء دينه؛ لأن قضاء الدين واجب عليه، والمماطلة ظلم؛ فحبسه الحاكم دفعاً لظلمه، وإيصالا للحق إلى مستحقه (فإن كان له دراهم ودينه دراهم قضاها القاضي بغير أمره) ؛ لأن من له دين إذا وجد جنس حقه له أخذه من غير رضاه،