ومن باع من هؤلاء شيئاً أو اشتراه وهو يعقل البيع ويقصده فالولي بالخيار: إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحةٌ، وإن شاء فسخه.
وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال؛ فالصبي والمجنون لا تصح عقودهما، ولا إقرارهما، ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما، وإن أتلفا شيئاً لزمهما ضمانه. وأما العبد فأقواله نافذةٌ في حق نفسه غير نافذةٍ في حق مولاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الذي يجن ويفيق فحكمه كمميز، نهاية (ومن باع من هؤلاء شيئاً) الإشارة إلى الصبي والعبد بطريق إطلاق الجمع على ما فوق الواحد، أو إلى الثلاث ويراد المجنون الذي يجن ويفيق؛ بدليل قوله "وهو يعقل البيع" فإنه كالمميز كما مر (أو اشتراه وهو يعقل البيع) بأن يعلم أن البيع سالب والشراء جالب (ويقصده) بأن يكون غير هازل (فالولي بالخيار: إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة، وإن شاء فسخه) ؛ لأن عقدهم ينعقد موقوفاً لاحتمال الضرر، فإذا أجازه من له الإجازة فقد تعينت جهة المصلحة فنفذ.
(وهذه المعاني الثلاثة) المذكورة إنما (توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال) ؛ لأنها لا مرد لها لوجودها حسا ومشاهدة، بخلاف الأقوال لأن اعتبارها موجودة بالشرع، والقصد من شرطه، إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص، فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبي والمجنون، هداية.
(فالصبي والمجنون لا تصح عقودهما، ولا إقرارهما ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما) لعدم اعتبار أقوالهما (وإن أتلفا شيئاً لزمهما ضمانه) لوجود الإتلاف حقيقة، وعدم افتقاره إلى القصد، كما في النائم إذا انقلب على مال فأتلفه لزمه الضمان.
(وأما العبد فأقواله نافذة في حق نفسه) لقيام أهليته (غير نافذة في حق مولاه) رعاية لجانبه، لأن نفاذه لا يعرى عن تعلق الدين برقبته أو كسبه، وفي