ومن اشترى شيئاً بنصف درهمٍ فلوساً جاز البيع وعليه ما يباع بنصف درهمٍ من الفلوس، ومن أعطى الصيرفي درهماً وقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خلافاً لهما، وهو نظير الخلاف الذي بيناه. هداية، وفيها: لو استقرض فلوساً فكسدت عند أبي حنيفة عليه مثلها، لأنه إعارة وموجبها رد العين معنى، والثمينة فيه، إذ القرض لا يختص به، وعندهما يجب قيمتها، لأنه بطل وصف الثمينة تعذر ردها كما قبض، فيجب رد القيمة، كما إذا استقرض مثلياً فانقطع، لكن عند أبي يوسف يوم القبض وعند محمد يوم الكساد على ما مر من قبل، اهـ. قال شيخنا في رسالته: اعلم أن الظاهر من كلامهم أن جميع ما مر إنما هو في الفلوس والدراهم التي غلب غشها كما يظهر بالتأمل، ويدل عليه اقتصارهم في بعض المواضع على الفلوس؛ وفي بعضها ذكر العدالي معها، فإن العدالي كما في البحر - الدراهم المنسوبة إلى العدل، وكأنه اسم ملك ينسب إليه درهم فيه غش، ولم يظهر حكم النقود الخالصة أو المغلوبة الغش، وكأنهم لم يتعرضوا لها لندرة انقطاعها أو كسادها، لكن يكثر في زماننا غلاؤها ورخصها فيحتاج إلى بيان الحكم فيها، ولم أر من نبه عليها، نعم يفهم من التقييد أن الخالصة أو المغلوبة لبس حكمها كذلك، والذي يغلب على الظن ويميل إليه القلب أن الدراهم المغلوبة الغش أو الخالصة إذا غلت أو رخصت لا يفسد البيع قطعاً؛ ولا يجب إلا ما وقع عليه العهد من النوع المذكور فيه، فإنها أثمان عرفاً وخلقة؛ والغش المغلوب كالعدم، ولا يجري في ذلك خلاف أبي يوسف، على أنه ذكر بعض الفضلاء أن خلاف أبي يوسف إنما هو الفلوس فقط، وأما الدراهم التي غلب غشها فلا خلاف له فيها، وبهذا يحصل التوفيق بين حكاية الخلاف تارة والإجماع تارة أخرى، كما تدل عليه عباراتهم، فحيث كان الواجب ما وقع عليه العقد في الدراهم التي غلب غشها إجماعا ففي الخالصة ونحوها أولى، وتمامه فيها (ومن اشترى شيئاً بنصف درهم) مثلا (فلوساً جاز البيع) بلا بيان عددها (وعليه) : أي البائع (ما يباع بنصف درهم من الفلوس) ، لأنه عبارة عن مقدار معلوم منها (ومن أعطى الصيرفي درهما فقال: