الجزء الأول [من مجموع أربعة أجزاء]
- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله القائل في كتابه الكريم: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم} وحسبك بها آية على منزلة الفقه ومجادة الموفقين لدراسته والصلاة والسلام على رسوله القائل: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وحسبك به دليلاً حافزاً على تلقي الفقه والمسارعة إلى تحصيل مباحثه، ولا غرو فإن كل متدين لا غنى به عن معرفة الحلال والحرام حتى يصح دينه وكل متعبد لا بد له من تصحيح عبادته حتى تسلم من الفساد وتحف بالرضوانن والقبول عند الله ولا عذر بالجهل في دار الإسلام فمن ثم كان طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.
وإذا كان الله تعالى يقول في كتابه: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} فإن معناه كما قال حبر الأمة علموهم وفقهوهم. فإذا كان ذلك فمن لم يعلم الحلال والحرام فهو على شفا حفرة من النار. وعند الله العافية.
ولما كان كتاب (القدوري) من أجمع الكتب في فقه أبي حنيفة لما يلزم معرفته من الحلال والحرام وبيان خمسة الأحكام، فيما يلزم من الإسلام. وكان شرحه (اللباب) من أوضح الشراح وأسلسها، وأصحها نقلاً وأدقها، فقد تلقاهما المسلمون على مذهب الإمام أبي حنيفة بالقبول ومنحوهما أكبر قسط من العناية والتقدير.
وقد وشحتهما بتقريرات موجزة متفرقة في أخص ما يلزم معرفته بجانبهما للطالب المبتدىء من بعض ما وقع فيه الخلاف واختلفت فيه الأدلة وتعددت وجهات النظر وكثر فيه القيل والقال أحياناً بين مقلدي المذاهب فاحتاج إلى بعض