لِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} يَقْتَضِي (الْمُسَاوَاة) بَين الْفَارِس والراجل، وَهُوَ خطاب لجَمِيع الْغَانِمين، وَقد شملهم هَذَا الِاسْم كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك} عقل مِنْهَا استحقاقهن الثُّلثَيْنِ على الْمُسَاوَاة. فَلَمَّا اتّفق الْجَمِيع على تَفْضِيل الْفَارِس بِسَهْم فضلناه (وخصصنا بِهِ الظَّاهِر، وَبَقِي حكم) اللَّفْظ فِيمَا عداهُ. وَمَا جَاءَ غير ذَلِك فعلى وَجه التَّنْفِيل.
الدَّارَقُطْنِيّ: عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] جعل للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما ".
فَإِن قيل: قَالَ أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي: " هَذَا عِنْدِي وهم من أبي بكر ابْن أبي شيبَة، أَو من الرَّمَادِي، لِأَن غَيره روى عَن ابْن نمير خلاف هَذَا عَن الْأَوْزَاعِيّ: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ يُسهم للخيل، وَكَانَ لَا يُسهم لرجل فَوق فرسين وَإِن كَانَ مَعَه عشرَة أَفْرَاس ".
قيل لَهُ: هَذَا وهم مِمَّن اعتقده وهما، فَإِن كل وَاحِد من هذَيْن الْحَدِيثين مُخْتَلف اللَّفْظ وَالْمعْنَى، وَلَا ريب فِي أَنَّهُمَا حديثان. فرواية أَحدهمَا لَا تمنع من رِوَايَة الآخر.