فَصْلٌ
وَمِنْ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ التَّغَافُلُ عَنْ ظُهُوْرِ مَسَاوِئ النَّاسِ، وَمَا يَبْدُو فِيْ غَفَلَاتِهِمْ، مِنْ كَشْفِ عَوْرَةٍ، أَوْ خُرُوْجِ رِيْحٍ لَهَا صَوْتٌ، أَوْ رِيْحٍ.
وَمَن سَمِعَ ذَلِكَ فَأَظْهَرَ الطَّرَشَ أَوِ النَّوْمَ أَوِ الغَفْلَةَ لِيُزِيْلَ خَجَلَ الفَاعِلِ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.
وهذا الفصل يعالج الأخطاء التي تقع في المجلس من غير قصد, فمعلوم أن اجتماع الناس في المجالس على اختلاف أنواع الاجتماعات, في علم أو في حديث أو سمر أو مؤانسة أو ما أشبه ذلك, قد يقع فيه من العوارض التي قد يستحيا منها, فمن ذلك ما قال المؤلف: (من مكارم الأخلاق التغافل عن ظهور مساوئ الناس وما يبدو في غفلاتهم من كشف عورةٍ أو خروج ريحٍ لها صوت). قال: (من سمع ذلك فأظهر الطرش)
والطرش: هو ثقل السمع لا انعدامه, ولما فاضل ابن القيم بين البصر والسمع, قال: والسمع أفضل من البصر، ولهذا كان في الصحابة من هو أعمى, ولم يكن فيهم من هو أطرش, قاله في مفتاح دار السعادة. (?)