النتف فإنه يزيل الخلقة بالكلية ففرق بين إزالة الأصل وبين تغيير الوصف مع بقاء الأصل.
وأدلة من قال أن الصبغ واجب, أنهم احتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمخالفة، وقال: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» وهذا أمر يقتضي الوجوب, واحتجوا بأن الصحابة قد صبغوا, وقال أحمد: الخضاب عندي هو كالفرض. واحتج بالأمر بالمخالفة.
والقائلون بأن هذا الأمر للاستحباب أجابوا عن هذه الأدلة, فقالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصبغ, وتقدم الكلام على هذا, وكذلك بعض أصحابه فيكون الأمر في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - للاستحباب, وهذا هو أصح الأقوال, أن صبغ الشيب مستحب متأكد الاستحباب ولا يصل إلى الوجوب, وأصحابه - رضي الله عنهم - هم خير من يفهم هذا عنه, والخلفاء الراشدون منهم من فعل ومنهم من ترك, فأبو بكر - رضي الله عنه - خضب وعلي - رضي الله عنه - ترك, واشتهر هذا عند التابعين, حتى أنكر بعضهم الصبغ, وقال سعيد بن جبير: يعمد أحدكم إلى نور قد جعله الله في وجهه فيطفئه.
وقد أدركنا جماعة من شيوخنا فمنهم من يصبغ ومنهم من يترك، وسئل شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله - عن تركه الصبغ, فقال: له كلفة ويشق علي.