واختلف أهل العلم في الجمع بين أحاديث النهي وأحاديث الإباحة, فمن أهل العلم من غلّب أحاديث الجواز وطعن في أحاديث النهي كما تقدم, ومنهم من قال: إن النهي كان متقدماً والإباحة جاءت بعد فهي منسوخة.
والقول الثالث، وهو: أصحها طريقة الجمع.
ويقال: إن أحاديث النهي جاءت على خلاف الأولى، وليست الكراهة فقط، وأحاديث الإباحة دلت على الجواز، وهذا أصح ما جاء في المسألة.
أما قول أنس - رضي الله عنه - كما أخرجه مسلم، لما قيل له: فالأكل؟ فقال: أشر وأخبث, فلا أعلم أحداً وافق أنساً - رضي الله عنه - على هذا, ولا أعلم أحداً من أهل العلم كره الأكل قائماً, والخلاف المعروف في الشرب, وهذا مذهب لأنس, وإلا فالأكل ليس أشر وأخبث, فهو أخف من الشرب بكثير, وليست المفسدة في الشرب موجودة في الأكل, للفرق بينهما.
وقوله: أشر وأخبث. هذا سائغ في اللغة, بمعنى شر وخبيث, والأصل في شر أشر, وفي خير أخير, وهذه اللغة موجودة وقليلة في الأخبار, ولكن