غير المذكور، والكتاب غير المكتوب، فأشار بالترجمة إلى أن تلاواتِ الخلق تتصف بالسرِّ والجهر، وذلك يستدعي كونَها مخلوقةً، وهذا، وإن كان بحسب الحقيقة العقلية، لكنه لا يسوغ شرعًا إطلاقُه لفظًا.

* * *

7525 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، قَالَ: نزَلَتْ وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}، أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}: عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}.

الحديث الأول:

(فسمع) بالنصب والرفع، فإن قيل: إذا كان مختفيًا عن الكفار، فكيف يرفع صوته، وهو ينافي الاختفاء! قيل: لعله أراد الإتيان بشبه الجهر، أو أنه عند الصلاة ومناجاة الرب لا يبقى له اختيار؛ لاستغراقه في ذلك، وقد سبق قريبا وبعيدًا تقرير أنّ الملَّة الإسلامية مبناها على الأعدل، وهو التوسُّط.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015