الأمرين؛ أي: بخلق الله تعالى، وكسب العبد، وهو قول الأشعرية.
لا يقال: فعلُ العبد إن كان بقدرته، فهو القدرُ الذي يقوله المعتزلة، أو لا، فهو الجبر، ولا واسطةَ بين النفي والإثبات؛ لأنا نقول: للعبد قدرة، فلا جبر، وبها يفرق بين النازل من المنارة، والساقط منها، ولكنْ لا تأثير لها؛ بل الفعلُ واقعٌ بقدرة الله تعالى، وتأثير قدرته فيه بعد تأثير إقداره العبدَ عليه، وهو المسمى بالكسب.
فإن قيل: القدرةُ صفةٌ تؤثر على وفق الإرادة، فإذا نفيتَ التأثيرَ عنها، فقد نفيتَ القدرةَ؛ لانتفاء الملزومِ بانتفاء اللازم؛ قيل: التعريفُ غيرُ جامعٍ؛ لخروج القدرة الحادثةِ عنه؛ بل التعريفُ الجامعُ صفةٌ يترتَّب عليها الفعلُ أو التركُ عادةً.
(ننزل الملائكة) بالنون، ونصب (الملائكة)، فهو استشهاد لكون نزول الملائكة بخلق الله تعالى، وبالمثناة المفتوحة والرفع، فهو لكونِ نزولهم بكسبِهم.
(الصادقين)؛ أي: الأنبياء المبلغين للرسالة، وقرينةُ تفسيرهم به: قوله تعالى قبلَه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81]، والقصدُ: أنه لبيان الكسب؛ حيث أسند الفعل إليهم، والميثاق ونحوه.
(وصدق به) هو الكسبُ -أيضًا-؛ حيث أُضيف التصديقُ للمؤمن، لا سيما وقد أضاف العمل إلى نفسه؛ حيث قال: عملت.
واعلم أن للكسب جهتين أثبتهما بالآيات، وقد اجتمع في كثير