يَا رَسُولَ اللهِ! أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ".

الرابع:

(بالأول والآخر) قال (خ): ظاهره خلافُ ما اجتمع عليه الأُمة من أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله؛ أي: كما في أول هذا الحديث، وقال تعالى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، فتأويلُه: أنه يُعَيّر بما كان منه في الكفر، ويبكّت به، يقال له: أليس قد فعلتَ كيتَ وكيتَ، وأنت كافر، فهلَّا منعك إسلامُك من معاودة مثله إذْ أسلمتَ؟! ثم يعاقَب على المعصية التي اكتسبها في الإسلام، لا الذي كان في الكفر.

وقيل: المراد بالإشارة في هذا الحديث: الردة.

وقال القرطبي: يعني بالإحسان: الإخلاصَ في الإسلام حين دخوله، والدوامَ على ذلك إلى حين وفاته، والإساءة فيه ضد ذلك؛ فإنه إذا لم يخلص بباطنه في إسلامه، كان منافقًا، ولا ينهدم عليه ما عمل به في الجاهلية؛ إنما ينهدم بالإسلام الخالص، فينضاف نفاقُه المتأخِّر إلى كفره المتأخر، فيكون مع المنافقين في الدَّرْكِ الأسفلِ من النار.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015