قليلُ الحسد، والعداوة، والحقد، والنفاق، والنزاع، وسائر الرذائل، منشؤها الاختلاطُ بالخلائق، ولقلة إقامته قليلُ الدَّار والمزرعة والأهل والعيال، وسائرِ العلائق الّتي هي منشأ الاشتغال عن الخالق تعالى.
(أو عابر سبيل) هو أعمُّ من الغريب؛ لأن العابر قد لا يكون غريبًا، والمبالغة فيه أكثر؛ لأن تعلقاتِه أقلُّ من تعلقات الغريب، ففيه الترقي، وفيه الترغيبُ في الآخرة، والتوجُّه إليها، وأنها المرجعُ، ودار القرار، والزهدُ في الدنيا، والاستعدادُ للموت، ونحوُ ذلك.
* * *
6416 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْمُنْذِرِ الطُّفَاوِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ"، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تنتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تنتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.
(وخذ)؛ أي: خذ بعضَ أوقات صحتك لوقت مرضك؛ أي: اشتغلْ في الصِّحَّة بالطاعة بقدر ما لو وقع في المرض تقصيرٌ يدرَك بها.
* * *