وهي السلبية؛ نحو: لا شريكَ له، ولا جهةَ له، ولا مثلَ له، ونحو ذلك من التنزيهات، وبالحمد؛ لصفات الإكرام؛ كالعلم، والقدرة، ونحوِهما، وهو معنى قوله تعالى: {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]، وقدم السلبيّ على الوجوديّ؛ لأن النظم الطبيعي يقتضي إثبات التخلية أولًا عن النقصان، والتحلية ثانيًا بالكمال.

وفيه نكتةٌ أُخرى، وهي الإتيانُ باسم الله الّذي هو اسمٌ للذات المقدسة، الجامعةِ لجميع الصفات العليا، والأسماء الحسنى، ثمّ وصفه بالعظيم الّذي هو شامل لسلب ما لا يليق به؛ وإثبات ما يليق به؛ لأنها العظمة المطلقة، وأمّا تكرار التسبيح، فللإشعار بتنزيهه على الإطلاق، ثمّ بأن التسبيح ليس إلا متلبسًا بالحمد؛ ليعلم ثبوت الكمال له نفيًا وإثباتًا معًا جميعًا، أو لأن الاعتناء بشأن التنزيه أكثرُ من الاعتناء بالتحميد؛ لكثرة المخالفين فيه؛ قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]، ولهذا جاء في القرآن بعبارات متعددة بلفظ المصدر؛ نحو: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} [الإسراء: 1]، {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} [الجمعة: 1]، {سَبَّحَ لِلَّهِ} [الحديد: 1]، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] أو أن التنزيهات ممّا تدركها عقولنا، والكمالات تقصر عن إدراك حقيقتها؛ كما قال بعض المتكلمين: الحقائقُ الإلهيةُ لا تعرف إلا على طريق السلب؛ كما يقال في العلم: لا يدرى منه إلا أنه ليس بجاهل، أنها معرفةُ حقيقةِ علمه، فلا سبيل إليها، فهي كلمة جامعة ممتثل بها قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: 130]، وينحط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015