(يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ)، ثُمَّ قَالَ: (بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمشِي بِالنَّمِيمَةِ)، ثمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرها كِسْرتيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ فَعَلْتَ هذَا؟ قَالَ: (لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَم تَيبسَا، أَوْ إِلَى أَنْ يَيبسَا).

(عثمان)؛ أي: ابنُ أبي شَيبة.

(جرير)؛ أي: ابنُ عبدِ الحميدِ.

(منصور)؛ أي: ابنُ المُعتَمِر.

(قال)؛ أي: ابنُ عبَّاس، وهو وإنْ كان عند الهِجرة ابنَ ثلاثِ سنين، لكنْ يُحتَملُ أنَّ ذلك بعد رُجوعه - صلى الله عليه وسلم - للمدينة سنةَ الفَتح، أو سنةَ الحجِّ، أو أنه سَمعه من النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مرسَلُ صحابيٍّ.

(المدينة): اللامُ فيه للعهد، وصارت عَلَمًا لها بِخلاف مكَّة، فإنَّها لا تدخلُها اللام؛ لأنَّها عَلَم بدونها.

(في قبورها): جَمَعَه مثل: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4].

قال ابن مالك: عُلِمَ من إضافة الصَّوت إلى إنسانيَن جوازُ إفرادِ المثنَّى معنًى إذا كانَ جُزءَ ما أُضيفَ إليه، نحو: أكلتُ رأسَ شاتَين، وجَمعُه أجودُ كما في: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، والتَّثنية مع أنَّها الأصلُ قليلةُ الاستعمال، فإن لم يكن المضافُ جُزأَه، فالأكثرُ التَّثنيةُ كـ (سَلَّ الزَّيدان سيفَيهما)، وإنْ أُمِنَ اللَّبسُ جاز بلفظِ الجَمع، فـ (في قبورهِما) شاهدٌ عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015