مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ! عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ويُصْبحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ".
الحديث الأول:
(إلا المُجاهِرون) في بعضها: (المجاهرين) بالنصب؛ وهو ظاهرٌ، ووجهُ الرفع أن العفوَ مُتضمِّنٌ معنى الترك، فكان الاستثناءُ من مَنفيٍّ، أو أن (إلا) بمعنى لكن، وما بعدَها مبتدأ حُذِفَ خبرُه، التقدير: لا يعافون، وإن كان الأصلُ أن يُذكَر، كما في الحديث: (فأَحرَمُوا كلُّهم إلا أبو قتادةَ لم يُحرِم).
قال ابن مالك: وبمثله تأوَّلُوا قراءةَ بعضِهم: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إلا قَلِيلًا} [البقرة: 249]، أي: إلا قليلٌ منهم لم يشربوا، والمُجاهِر: هو الذي جاهَرَ بمعصيته وأظهرَها، أي: فكلُّ واحدِ من أُمَّتي يُعفَى عن ذنبه، ولا يُؤاخَذ به إلا الفاسقُ المُعلِنُ.
(المَجَانَة) بالجيم وتخفيف النون: عدم المبالاة بقولٍ أو بفعلٍ.
(عملًا)؛ أي: معصية.
(علمتُ) بتاء المتكلم.
(ويُصبح) قال (ك): يدخل في الصباح، وفيه نظرٌ؛ فإنها ناقصةٌ لا تامةٌ.
* * *