الكِلاَبُ تبولُ وَتُقْبِلُ وَتُدبِرُ فِي المَسْجدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلم يَرُشُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

الحديث الثالث (د):

وقد وصَلَه أبو نُعيم، والبيهقي وغيرُهما.

(كانت الكلاب) يُشعِر بالاستمرار.

(في المسجد)؛ أي: مسجدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (في زمان) عامٌّ بإضافتِه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فلم يكونوا يرشون) فيه من المُبالَغة ما ليس في (فلم يرشّوا) كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} [الأنفال: 33]، ولم يقل: (وما يعذبُهم)، ونفيُ الرَّشّ أبلغُ من نفيِ الغَسل الذي فيه السَيَلان، لأنه دونَه.

(شيئًا) نكرةٌ منفيَّةٌ تعمُّ، فهو أيضًا من المُبالغة في طَهارةِ سُؤرِه، إذ في مثل هذه الصُّورة أنَّ الغالبَ أنَّ لعابَه يَصِلُ إلى بعضِ أجزاءِ المَسجد، فإذا أقرَّه - صلى الله عليه وسلم - عُلِمَ أنه طاهرٌ.

قال (ك): يحتملُ أنَّ ذلك لأنَّ طهارةَ المَسجد مُتيقَّنة، فلا تُرفعُ بالشَّك، وأيضًا: فلا يُعارض هذا مَنطوقَ قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فلْيَغسِلْهُ سَبعًا).

وأيضًا فالغالبُ أيضًا أنَّه يبولُ، ويُقبِلُ ويُدبِرُ، ولا قائلَ بطهارة بَوله، فهو متروكُ الظَّاهر، إمَّا لأنه كان في أوَّل الإسلام قبلَ ثُبوت الحُكم بالنَّجاسة، وإمَّا لأنَّهم كانوا يُقَلبونَ وجة الأرضِ النَّجِسِ إلى الوجهِ الآخَر، أو هو منسوخ، أو نحو ذلك، فالظَّاهرُ أنَّ الغرضَ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015