قيل: المرادُ من شأن المؤمنين التقليلُ وشأنِ الكافرِ التكثيرُ، وجاز أن يُوجدَ منهما خلافُ ذلك، وذلك أن الكاملَ يُقِلُّ من الطعام ويُؤثر على نفسه؛ لِمَا يرجو من ثوابه، والكافرَ يَستكثرُ ويَستأثرُ به لا يَدَّخرُه للآخرة، أو باعتبار الأعمِّ الأغلب.
فإن قيل: فما وجهُ التخصيص بالسبعة؟ قيل: للمبالغة، وقال الأطباء: لكلِّ إنسانٍ سبعةُ أمعاءٍ: المَعِدَة، ثم ثلاثةٌ متصلةٌ بها دِقَاقٌ، ثم ثلاثةٌ غِلاَظٌ، قالوا: أسماؤها: الاثنا عَشَرِي، والصائمُ، والقُولُون، واللَّفَائفي بالفاءَين، وقيل: بالقافين وبالنون، والمستقيم، والأعور؛ فالمؤمنُ يَكفيه ملءُ أحدها، والكافرُ لا يَكفيه إلا ملءُ كلِّها.
وقال (ن): يُحتمَل أن يُراد بالسبعةِ صفاتٍ، هي: الحرصُ، والشَّرَه، وطولُ الأمل، والطمعُ، وسوءُ الطبع، والحسدُ، والسِّمَن، وبالواحدِ في المؤمن: سدَّ خُلَّتِه.
وقال البَيضاوي: أراد به: المؤمنُ يَقلُّ حرصُه على الطعام، أو يُبَارَكُ له فيما يأكلُه، فيَشبعُ من القليل، والكافرُ كثيرُ الحرصِ لا مَطمَحَ لبصره إلا إلى المَطَاعم والمَشَارب كالأنعام، فمَثَّلَ ما بينهما من التفاوت في الشَّرَه بما بين مَن يأكلُ في معًى واحدٍ، ومَن يأكلُ في سبعةٍ، وقيل: إنه في حقِّ رجلٍ واحدٍ بعينه، فقيل له على جهة التمثيل، لا أنَّ كلَّ كثيرِ الأكلِ ناقصُ الإيمانِ، كما سيأتي عن أبي هريرةَ: أن رجلًا كان يأكل كثيرًا، فأسلمَ، فكان يأكل قليلًا، فذُكر للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال ذلك.