فأَتاهم بما فَوق السِّحر، فاضطُرَّهم إلى الإيمان، وفي زمَن عيسى الطِّب، فجاء بما هو أعلى من الطِّب، وهو إِحياء المَوتَى، وفي زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البلاغة، فجاء بالقرآن.
ويحتمل وجهًا خامسًا: وهو أن القرآن ليس له مثْلٌ لا صورةً ولا حقيقةً، قال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23]، بخلاف معجزات غيره، فإنَّها وإنْ لم يكن مثْلُها مثلًا حقيقةً؛ يحتمل لها صُورةً.
(وإنما كان الذي أُوتيته) وجْه الحصْر وإنْ كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - معجزاتٌ كثيرةٌ في غير القرآن أئَّه أعظمُها وأفْيَدُها؛ فإنَّه يشتمل على الدَّعوة والحُجَّة، ويَنتفِع به الحاضِر والغائِب إلى يوم القيامة، ولهذا رتَّبَ عليه: (فأَنَا أَرْجُو).
* * *
4982 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِح بْنِ كيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنسُ بْنُ مَالِكٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ اللهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ، ثُمَّ تُوُفِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ.
الحديث الرابع:
(تابع)؛ أي: أَنزل الله عليه الوَحْي مُتتابعًا مُتواترًا أكثَر مما كان،