وَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لِي: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ"، قَالَ: فَنَحْنُ نقُولُ كمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
(كذا وكذا) كَنَّى به استِعظامًا لهذه المقالة، ومن العُذر لابن مَسعود فيما قاله أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا كان يَتعوَّذ بهما كثيرًا ظَنَّ أنَّهما من الوحي الذي ليس بقُرآن.
وقال القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب: لم يُنكر ابن مَسعود كونهَما من القرآن، إنما أنكَر إثباتَهما في المُصحَف؛ لأنَّه كانت السنَّةُ عنده أنْ لا يُثبَت إلا ما أمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإثباته وكَتْبه، ولم يَبْلُغه أمرُه به، وهذا تأويلٌ منه، وليس جَحدًا لكونهما قرآنًا.
قال (ش): وقد روى ابن حِبَّان في "صحيحه": عن زرٍّ: قلت لأبي ذَرٍّ: إن ابن مَسعود لا يكتب في مُصحَفه المعوِّذتين؟، فقال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريل قال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] فقلتُها، وقال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] فقلتُها"، فنحن نقولُ ما قالَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وبالجملة فقد انعقد الإجماع، وزالت الشُّبهة، فلله الحمد (?).
* * *