الْمَعدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نوائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أتتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نوفَلٍ، وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيها، وَكَانَ امرَأً تنصَّرَ فِي الْجَاهِلِيةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإنْجيلِ بِالْعَرَبِيّة مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: يَا عَمِّ! اسْمَع مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أخَي! مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِي فِيها جَذَعًا، لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا، ذَكَرَ حَرْفًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُم؟ "، قَالَ وَرَقَةُ: نعم، لَمْ يَأتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ، وَإِنْ يُدرِكنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نصرًا مُؤَزَرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفي، وَفترَ الْوَحيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
4954 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهابٍ: فَأَخْبَرَني أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ - رضي الله عنهما -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحيِ، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: "بَيْنَا أَنَا أمشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعتُ بَصَرِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ فَرَجَعتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُوني زَمِّلُوني"، فَدَثَّرُوهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَهْيَ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِليةِ يَعبُدُونَ، قَالَ: ثُمَّ تتابَعَ الْوَحيُ.