الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ - رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هذِهِ الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}،كادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي.
(شكوت)؛ أي؛ اشتَكيتُ مرَضي.
(لم أسمعه زاد)؛ أي: لم أَسمعْه زائدًا عليه، لكنَّ أصحابي حدَّثوني عنه الزَّائدَ، وهو من قوله: (فلمَّا بلَغ)، إلى آخِر الحديث.
قال (خ): كان انْزعاجُه عند سَماع الآيةِ؛ لحُسن تلقِّيه مَعناها، ومعرفتِه بما تضمَّنه بَليغ الحُجَّة، واستدراكها بلَطيف طبْعه.
قالوا: معناه: ليس هم أشدُّ خَلْقًا من خَلْق السَّماوات والأرض؛ لأنَّهما خُلقتا من غير شيءٍ، وهم خُلقوا من آدَم، وهو من التُّراب.
والقول الآخر: أنَّ المَعنى: خُلقوا لغير شيءٍ، أي: خُلقوا باطلًا لا يُؤمَرون ولا يُنهون.
قال: وهنا قولٌ ثالثٌ أجوَدُ منهما: وهو أنَّهم خُلقوا من غير خالقٍ، وذلك لا يَجوز، فلا بُدَّ له من خالقٍ، وإذا أنكَروا الإلة الخالقَ؛