وَتَعَالَى- لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحمتي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَبكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُها، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ، فتقُولُ: قَطٍ قَطٍ قَطٍ، فَهُنَالِكَ تَمتَلِئُ، ويُزْوَى بَعْضُها إِلَى بَعض، وَلَا يَظْلِمُ اللهُ - عزَّ وجلَّ - مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ، فَإِنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يُنْشِئُ لَها خَلْقًا".
الثالث:
(تحاجت الجنة والنار) قال (ن): هذا الحديث على ظاهِره، وأنَّ الله تعالى يَخلق في الجنَّة والنار تَمييزًا يُدركان به، ويَقدران على الاحتِجاج.
(بالمتكبرين والمتجبرين) هو مِن عطف الشَّيء على مُرادفه تأكيدًا، وقيل: بينهما فَرقٌ، فالمُتكبِّر: المُتعظِّم بما ليس فيه، والمُتجبِّر: المَمنوع الذي لا يُنال إليه، وقيل: الذي لا يَكتَرثُ بأمرٍ.
(وسقطهم) بفتح المهملة، والقاف، أي: الضُّعَفاء المحتَقَرون السَّاقطُون عن أَعيُن النَّاس.
فإنْ قيل: ما معنى الحَصْر وقد يدخُل الجنَّة غيرُ الضُّعَفاء من الأنْبياء، والمُرسَلين، والمُلوك العادلة، والعُلَماء المَشهورين؟
قيل: إما باعتبار الأَغلَب، أو أنَّ المُراد بالضَّعيف السَّاقِط هو الخاضع لله، المُذِلُّ نَفْسَهُ لله تعالى، المُتواضع للخَلْق، ضِدُّ المُتكبِّر المُتجبِّر.