بأنَّه بَحْرٌ لا يُدرَك قَرارُه.
= عُني بشرحه والكلام عليه متنًا وإسنادًا أئمةُ الأمّة، وخدَموه بعُلومهم الجمَّة أحسنَ خدمة، كلٌّ يَرُوم الظَّفَر بجواهر عُلومه، والتِقاطِ دُرَر مَنْطُوقه ومَفْهومه، ما بين مختصِرٍ ومُطوِّل، ومتوسِّطٍ فيما عليه يُعوِّل، كلٌّ منهم يَرى أنَّه سلَك طريق السَّوا، ولكلٍّ منهم أَجْرُ عمَله بقدْر ما نَوَى.
وقد لَهِجَ أهل هذا الزَّمان في مِصْرَ ونحوها من البُلدان، بكتابين:
أحدهما: شَرح العلاَّمة شَمْس الدِّين الكِرْمَاني نحوُ خَمسة أَسْفارٍ، تتبَّع فيها ألفاظَه، وأوضحَها بالضبط والإعراب بأحسَن اختصارٍ، وشحَنه بفوائدَ كثيرةٍ، ولطائفَ غَزيرةٍ، إلاَّ أنَّه كرَّرَ فيه كثيرًا، لا سيَّما في التَّراجم والأَسماء، فإنَّه زاد تَكريرًا، وربَّما أَغلَق في بعض العِبارة، وأطالَ بما يُمكن أنْ يُشار إليه بأخصرَ إشارةٍ، وربَّما قدَّم ما يحسُن تأخيرُه، وأخَّر ما يحسُن تقديمُه وتوفيرُه، وربَّما غايَرَ بين أقوالٍ راجعةٍ في المعنى إلى واحد، حتى كاد أنْ تَلتبس في ذلك المَقاصِد.
والثاني: كتاب "التَّنقيح"، سِفرٌ كبيرٌ جمعه شيخُنا الإمام العلامة بدر الدِّين محمد بن الزَّرْكَشي في ضبْط ألفاظه، وبَيان غَريبها، وإعراب ما أَشكَل، والجواب عمَّا لعلَّه يُستَشكَل.
فعمَّ نفْعُ هذين الكتابين ببركةِ قَصْدِهما الجَميل، وفضْلهما الجَزيل، لكنْ ربَّما وقَع فيهما بعضُ إيهامٍ، ولا سيَّما "التنقيح"، فربَّما