الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وبَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَرْضَ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ، وَكَرِهَ أَهْلُ العِلْم الإسْرَافَ فِيهِ، وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
(باب ما جاء في الوضوء)، وربَّما لا توجد هذه التَّرجمةُ في بعض النُّسخ؛ للاستغناء عنه بالسَّابق.
(قال أبو عبد الله) إلى آخرِه، أي: البخاريُّ ذَكرَ ذلك بلا سندٍ.
فأمَّا قوله: (مرَّة مرَّةً)؛ فوصلَه بعدَ ذلك من حديث ابنِ عبَّاس.
(مرَّتين مرَّتين) وصلَه من حديث عبد اللهُ بنِ زيد.
(وثلاثًا ثلاثًا) وصلَه من حديث عثمانَ، وإنَّما أوردَ البخاريُّ ذلك هنا؛ لتقريرِ أنَّ الأمرَ في الآية بالوُضوء لإيجادِ حقيقته، من غيرِ أن يقتَضِيَ مرَّةً أو أكثرَ، وإنَّما أوردَ البخاري ذلك هنا لاقتِصاره - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أحيانه عليه، وأنَّ الزِّيادةَ على الثَّلاث فعلَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فتكونُ مستحبَّةً، ثم بيَّنَ حكمَ الزَّائد بعد ذلك.
قلتُ: على أنَّ بعضَهم شذَّ فأوجبَ الثَّلاث، حكاه الشَّيخ أبو حامدٍ وغيرُه، وحكاه في "الإِبانة" عن ابنِ أبي ليلى وغيرِه، ويردُّه الإجماعُ والنُّصوصُ.
واعلم أن قولَه: (مرَّة مرَّة) مرفوعٌ خبرُ (أنَّ)، ويقعُ في بعض الأحوالِ بالنَّصبِ على نصب (أنَّ) الخبَرَين، أو على الحالِ السَّادَةِ مسدَّ الخبر، أي: يفعلُ مرَّةً، كقراءة {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 8] بالنَّصب،