وإنَّما عدَل عن التَّصريح في الجواب؛ لأنَّه أقلُّ وأضبَط؛ إذْ لو قال: فلْيَلْبَس كذا؛ لكان يُعتقَد أنَّه من المَناسِك، أو للتَّنبيه على أنَّ السائل كان يَنبغي له أن يَسأل عمَّا لا يَلبَس؛ لأنَّ ما يَلبس شائعٌ بالاستِصحاب، فلا يُسأَل إلا عمَّا حدَث فيه التَّحريم.
ثم في عطف البَرانِس على العِمامة: الإشارةُ إلى أنَّ المُحرِم لا يُغطِّي رأْسَه بمعتادٍ ولا غيره.
ونبَّه بالقَميص والسَّراويل على جميع المَخِيْطات، وبالوَرْس والزَّعْفَران على سائر أَنواع الطِّيْب.
والحكمة في تحريم اللِّباس المَذكور: بُعْدُ المُحرِم عن الترفُّه، واتصافه بصِفَة الخاشِع الذَّليل، ولِيتذكَّرَ به الموتَ، ولُبْسَ الأكفان، والبعْثَ يوم القيامة حُفاةً عُراةً: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8]، وتَرْكُ الطِّيْب للبُعد من زينة الدُّنيا، ولأنَّه داعٍ إلى الجِماع، وأيضًا فيُنافي كونَ الحاجِّ أشعثَ أغبَرَ، والحاصل أنْ يُحصِّل بذلك همَّةً لإرادة الآخرة.
قال (ط): نقلًا عن المُهَلَّب: إنَّ في الحديث أنَّ للعالِم أنْ يُجيب بخلاف ما سُئل عنه إذا كان فيه بَيانُ ما سُئل عنه.
ومِن الزِّيادة أيضًا: حُكم الخُفِّ؛ لعِلْمه مشقَّة السفَر، والضَّرر الحاصل من الحَفاء وغير ذلك، فالعالِم يجب عليه أن يُنبِه الناس على ما يَنتفعون به.
* * *