أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ! أتهبْنَنِي وَلاَ تَهبْنَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قُلْنَ: نعم، أَنْتَ أفظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ".
السادس والعشرون:
(ابن زيد)؛ أي: ابن الخَطَّاب أخي عُمر.
(أضحك الله سنك)؛ أي: أَدام سُرورك، فالمراد لازِم الضَّحك، وإلا فقد قال تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} [التوبة: 82]، إلا أنْ يُقال: ليس هو - صلى الله عليه وسلم - داخِلًا في هذا.
(ابتدرن)؛ أي: استَبقْنَ.
(تهبن) بفتح الهاء: من الهيْبة.
(أفظ وأغلظ) إما أنَّ المراد أَصْلُ المعنى، أي: فَظٌّ غليظٌ، حتى لا تقَع مُشاركةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، أو ذلك صِفةٌ مشبَّهة؛ لقَصْد الثُّبوت، فلا تَفضيلَ فيه، أو أن إقامتَه - صلى الله عليه وسلم - الحُدود ونحو ذلك يتضمَّن الفَظاظة والغِلَظ فيه لا مطلقًا؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2].
(فجًّا)؛ أي: طريقًا واسعًا، لا يُعارَض هذا بما قال أيُّوب -عليه السلام- وهو نبيٌّ: {مَسَّنِيَ الشَّيطاَنُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]؛ لأن التركيب في قصَّة عُمر لا يدلُّ إلا على الزَّمَن الماضي، وذلك أيضًا مخصوصٌ بحالة الإسلام، ومقيَّدٌ أيضًا بحالِ سُلوك الطَّريق، فجاز أن