(بدا)؛ أي: ظهَر، وسَنَحَ، فإن قيل: إنْ كان الدَّفْع إليهما صوابًا؛ فلِمَ لا دفَعه آخِرًا؟ قيل: منعَه أولًا على الوجْه الذي طلَباه، وهو التَّملُّك، وأعطاه ثانيًا على وَجْه التصرُّف كتصرُّف النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبِه.
وقال (خ): هذه القِصَّة مُشْكلةٌ جِدًّا؛ لأنهما لمَّا أخذاها على ما شَرَطه عُمُر عليهما معتِرفين بأنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تَركْنَا"، وشَهِد المهاجرون بذلك؛ فما الذي بدَا لهما حتَّى تخاصَما؟!، فيقال: إنْ تخاصما لأنَّه يشُقُّ عليهما التَّشارُك في التصرُّفات، وطلبَا القِسمةَ ليستَبدَّ كلُّ منهما بالتَّدبير والتصرُّف فيما يصير إليه، فمنعَ عُمر ذلك لئلا يَجريَ على ذلك اسم الملْك؛ إذ القِسْمة إنما تقَع في الأَمْلاك، وبتطاوُل الزَّمان يُظَنُّ فيه المِلْكية.
قال أبو داود: ولهذا لَمَّا صارت الخِلافة إلى عليٍّ لم يُغيِّرْها عن كونها صدَقة.
ويُحكى أنَّ السَّفَّاح لما خطَب أوَّل خطبةٍ قام بها قامَ إليه رجلٌ معلِّقٌ في عنُقه المُصحَف، قال: أُناشِدُك الله إلَّا ما حكَمت بيني وبين خَصْمي بهذا المُصحَف، فقال: مَن خَصمُك؟، فقال: أبو بكرٍ في منْعه فَدَك، قال: أَظلمَك؟، قال: نعم، قال: فعُمر؟، قال: نعم، قال: فعُثمان؟، قال: نعَم، قال: فعليٌّ، فسكَت الرَّجل، فأغلَظَ له الخليفة.