(لا تَنافُسَ بَينَكُم إلا في اثنتَينِ)، وعلى هذا فالمراد بـ (لا حسَدَ) نفْي مَشروعيته، أو النَّهي عنه إلا في الخَصلتين المذكورتين، وإلا فقد يُوجد الحسد، فكيف يُنفَى؟
قال (ك): ويحتمل أن يكون ذلك من قَبيل: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، كأنَّه قيل: لا حسَد إلا في هذين، والذي فيها غِبْطة، فلا حسدَ أَصلًا.
(إلا في اثنتين)، قال (ن): فإنْ قيل: الحسَد قد يكون في غيرهما فما وجْه الحَصر؟
قيل: إما لأنَّ القصد: لا حسَدَ جائزٌ في شيءٍ إلا في اثنتين، أو لا رُخصةَ في الحسَد إلا فيهما، أو نحو ذلك.
(رجل) بالجرِّ بدَلٌ من (اثنتين) على حذْف مضافٍ؛ أي: خصلةِ رجلٍ، وبالنَّصب بإضمار: أعني، وبالرفْع بإضمارِ مبتدأ، أي: إحداهما.
(هلكته) بفتح اللام؛ أي: هلاكِه، ففيه مُبالغتان: التَّعبير بالتَّسليط المقتضِي للقِلَّة، وبالهلَكة المشعِر بفَناء الكلِّ.
(في حق) لإخراج التَّبذير، وهو صرف المال فيما لا ينبغي.
(الحكمة) قيل: القرآن، وسيأْتي في (فضائل القرآن): (عَلَّمَه اللهُ القُرآنَ، وهُو يتْلُوهُ آناءَ اللَّيلِ والنَّهارِ).
قلتُ: وربَّما يُطلق على السنَّة كما قاله الشافعي في "الرسالة" في مواضِعَ في نحو قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113].