الشيءَ، فتوسَّدَه، أي: فُوِّض الأَمر، فـ (إلى)، بمعنى اللام، أو لتضمُّنه مع الإسناد، ورَواه القابِسي: (أُوْسِدَ) بهمزةٍ، ورواه البخاري في (باب رفْع الأَمانة): (أُسْنِدَ).
(الأمر)؛ أي: جنْس الأُمور المُتعلِّقة بالدِّين؛ مِن خلافةٍ وقضاءٍ وإفتاءٍ ونحوه، بخلاف البَواقي، وإنما أخَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جوابَ السائل؛ لأنَّه سأَل عما لا يجبُ تعلُّمه، أو لأنَّ غيره أهمُّ منه، أو أَخَّره انتظارًا للوحي أو لِيُتِمَّ حديثه، حتى لا يختلط على السامعين، أو أراد التَّنبيه على فوائد: منها: تقديم القاضي، والمفتي، والمدرِّس الأسبَق، وأنَّ الأدب أنْ لا يُسأل مَن هو مُشتغلٌ بحديثٍ أو غيره، والرِّفْق بالمتعلِّم، وإنْ جَفا في سُؤاله أو جَهِل؛ إذ لم يُوبِّخه - صلى الله عليه وسلم -، ومُراجعة العالم فيما لم يُفهم كقوله: (كَيْفَ إِضاعتُها؟)، وإنما أجابَ بزوال الإضاعة، والسُّؤال عن الكيفيَّة؛ لتضمُّنه إياه؛ لأنَّ كيفيَّتها بالتوَسُّد المذكور.
والظاهر أنَّ (إذا) هنا ليست شرطيةً.
(فانتظر) للتفريع عما قبْله، أو جواب شرطٍ محذوفٍ.
قال (ط): معنى الحديث أنَّ الأئمة ائتَمنهم الله على عباده، وفرَض عليهم النُّصح، فإذا قلَّدوا الأمر غير أهل الدِّين، فقد ضيَّعوا الأَمانة، وفي الحديث: "إِنَّ السَّاعةَ لا تَقُومُ حتَّى يُؤتَمنَ الخائِنُ"، وهذا إنما يكون إذا غلبت الجُهَّال، وضَعُف أهل الحقِّ عن القيام به ونُصرته.
* * *