مَسْلَمَةَ: أَناَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: أَرَدْناَ أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ. فَقَالَ: ارْهَنُوني نِسَاءكمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَناَ، وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُوني أَبْنَاءكمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُ أَبْنَاءَناَ، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ؟ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ -قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلاَحَ- فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أتوُا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأخْبَرُوه.
(من لكعب بن الأشرف؟)، (مَن) استفهاميةٌ، أي: مَن يتصدَّى لقتله؟؛ لأنَّه كان يُعادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويَهجوه.
(محمد بن مَسْلَمة) بفتح الميم، واللام، الأنصاري الذي بعثَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جماعة إلى كعْب، فقتَلوه غِيْلةً.
(وَسقًا) بفتح الواو وكسرها: سِتُّون صاعًا.
(أرهنوني) اللغة الفصيحة: رهَن، وأَرْهَنَ قليلةٌ.
(اللأْمَة) بهمزة: الدِّرْع، وعن الزُّهري: السِّلاح كله، وهو يُقوِّي تبويبَ البخاري، جمعها لُؤَمٌ على غير قياس.
قال (ط): ليس يدلُّ رهنك اللأْمَة على جواز رهن الحربيِّ السِّلاح، بل هو من مَعاريض الكلام المباح في الحَرْب وغيره، ولم يكن كعب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل كان ممتنِعًا بقوَّته في حِصْنه، ولو كان له عَهْد نقضَه بالأَذى، فمَن لامَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فقد كذَّب الله في قوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54].