حَدَّثَنِي أَبي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -، عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، حُبسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاضُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا".
وَقَالَ يُونُسُ بن مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ.
(بقنطرة) إنْ ثبَت أن الجِسْر والصِّراط واحدٌ فَيُؤوَّل بأنَّ القَنْطرة من تتمَّة الصِّراط ونحو ذلك لا أنهما جِسْران.
(يتقاصون) يتفاعَلُون، مِن اقتصَصْتُ الأمْرَ: إذا تتبَّعتَه.
قال (ط): هذا التَّقاصُّ لقَومٍ دون قومٍ، وهم مَن لا تَستغرِق مظالمُهم جميعَ حسناتهم؛ إذ لو استغرَق جميعَها كانوا من أهل النَّار، فلا يُقال فيهم: خلَصُوا من النَّار، والتَّفاعُل من اثنَين، فلكلٍّ منهما على أخيه مظلمةٌ لا تُوجِب النَّارَ، فيتَقاصُّون الحسَنات لا السَّيئاتِ، فمَن زادَتْ مظلمَتُه على مَظلَمة أخيه أخَذ من حسَناته، ودخَل الجنَّة، ومنازلُهم فيها بقَدْر ما بقِيَ لكلٍّ منهم من الحسَنات، فلهذا يَتقاصُّون بعد خَلاصهم من النار.
قال المُهلَّب: هذه المُقاصَّة في مَظالم الأبْدان كاللَّطْمَةِ وشِبْهها