الحديث فيه حُجَّةٌ على الصَّحيح في أفْضل المكاسِب الثلاث: أنَّه الزِّراعة، وثانيها: التِّجارة، وثالثها: الصِّناعة.
(مسلم) قال الطِّيْبي: نُكَّر بعد النَّفي ليَعمَّ، وزاده تأكيدًا (من) الاستِغراقية، فيشمل الحرَّ والعبدَ، ونكِّر أيضًا ما بعد ذلك ليعمَّ كلَّ منتفَعٍ به.
قال البَغَوي: رُوي أنَّ رجلًا مرَّ بأبي الدَّرداء وهو يَغرِس جَوزةً، فقال: أتَغرس هذه وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تُطعم إلا في كَذا عامًا، فقال: وما عليَّ أنْ يكون لي أجْرُها، ويأْكل منها غيري.
وذكر أبو الوَفاء البَغدادي: أنه مَرَّ أَنُوشُروان على شيخٍ يغرِس شجَرَ الزَّيتون، فقال: ليس هذا أَوان غَرْسِك الزَّيتونَ، وهو بطِيء الإثْمار، فقال: غَرَسَ مَنْ قَبْلنا فأكلْنا، ونَغْرِسُ ليأكلَ مَن بعدَنا، فقال: زِهْ، أي: أحسَنْتَ، وكان إذا قال ذلك يُعطي مَن قِيْلت له أربعةَ آلاف درهمٍ، فقال: أيُّها الملِك كيف تتعجَّب من إبطاء ثمره؟، وما أَسْرعَ ما أثْمرت، فقال: زِهْ، فزيد أربعةَ ألافٍ، فقال: كلُّ شجَرةٍ تُثمر في العام مرَّةَ، وقد أثمرتْ شجَرتي في ساعةٍ مرتين، فقال: زِهْ، فزيد مثلَها، ومضى أنُوشُروان قائلًا: لو وقَفْنا عليك لم يكفِه ما في خزائننا.
(وقال لنا مسلم) أخرجه مسلم.
* * *