حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بن صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإفْطَارُ أتى امْرَأتهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ، فَأَطْلُبُ لَكَ. وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأتُهُ، فَلَمَّا رَأتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ. فَلَمَّا انتصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}.
(قيس بن صِرْمة) بكسر الصاد المهملة.
قال الدَّاوُدي، وابن التِّيْن: يحتمل أنَّ هذا غير محفوظٍ، وإنما هو صِرْمَة، أي: كما هو في "الصحابة" لأبي نُعَيم: صِرْمة بن أبي أنس، وقيل: ابن قَيْس الخَطَمي.
(فغلبته عيناه)؛ أي: فنامَ، وفي بعضها: (عينُهُ) بالإفْراد.
(خيبة)؛ أي: حِرْمان، وخابَ: إذا لم ينَلْ ما طلَبَ، وهو مفعولٌ مطلَقٌ حُذِف عاملُه وجوبًا.
قال بعض النُّحاة: إذا كان بدُون لامٍ وجَب نصْبه، أو معها جازَ النَّصب.
(فنزلت) ووجْهُ المُناسبة في نُزولها مع حكاية قَيْس أنه إذا جاز الرَّفَثُ كان الأكل والشُّرب حلالًا بالأَولى، ثم نزل بعده: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}، ليُعلم ذلك بالمنطوق تصريحًا بتَسْهيل الأمر عليهم، ورفْعًا