بخلاف لفظ الأحاديث.
قال: ويُفرَّق بأن القُدسيَّ ما يتعلَّق بتنزيه ذات الله تعالى، وبصفاته الجَلاليَّة والجَمالية، منسوبٌ إلى الحَضْرة المقدَّسة.
قلتُ: إنْ أراد: غيرُهما لا يتعلَّق بتنزيه الله تعالى وصفاته؛ فليس بصحيحٍ، بل الأحاديث النبويَّة تتعلَّق بذلك، وإنْ أراد أنها لا تُضاف لله تعالى؛ فهو عين الفَرْق الأول.
ونُقل عن الطِّيْبي: أنَّ القُدسيَّ خاصٌّ بالمَنام، أو بالإلهام، والقُرآن نزَلَ به جِبْريل، [و] فيه نظَرٌ؛ فإنَّ الأحاديث القُدسية قد نَزل بها جِبْريل، لكنْ إنما يَفترقان في قَصْد الإعجاز، والتعبُّد بتلاوته.
(الصوم لي) بمعنى: لم يُتعبَّد به أحدٌ غيري، وإنْ كانت العبادات كلُّها لله تعالى، وإنْ كان الكفار يُعظِّمون آلهتهم بسجودٍ، وصدقةٍ، ونحو ذلك، أما بالصِّيام فلا، أو أنَّ الصَّائم ليس له فيه حظٌّ؛ إذ لا يطَّلِع عليه أحدٌ.
وفيه كَسْر النَّفْس، وتعرُّض البدَن للنَّقص، والصَّبر على حُرقة العطَش، ومضَضِ الجُوع.
وقيل: هو إضافة تشريفٍ كـ: {نَاقَةَ اللَّهِ} [الشمس: 13].
وقال (خ): الصَّوم عبادةٌ خالصةٌ لا يَستولي عليها الرِّياء والسُّمعة؛ لأنه عمَلُ سِرٍّ لا يطَّلِعُ عليه إلا الله، كما رُوي: "نيَّةُ المؤمِنِ خيرٌ مِن عمَلِه"؛ فإنَّ مَحلَّها القَلْب، أي: النيَّة منفردةً خيرٌ من عمَلٍ خالٍ عن النيَّة كما في: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، أي: